1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رغم التمديد الأممي.. المساعدات لسوريا ضحية بازارات سياسية

١٠ يناير ٢٠٢٣

بعد موافقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع على تقديم المساعدات الإنسانية إلى نحو أربعة ملايين سوري في شمال غرب البلاد لمدة ستة أشهر أخرى عبر تركيا، يأمل النازحون ألا يُجرى استخدامهم مجددا كبيادق على رقعة الشطرنج السياسي.

قافلة مساعدات أممية في معبر "باب الهوى"، أرشيف
وافق مجلس الأمن بالإجماع على تمديد تقديم المساعدات لسوريا عبر تركيا.صورة من: Muhammad al-Rifai/NurPhoto/picture alliance

 

قد تكون مشاركة السوري مفيد الياسر في مظاهرة بمدينة إدلب في شمال غربي سوريا رمزية، لكنها تعني الكثير حيث يرفع لافتة تُطالب بتنفيذ القرار الأممي رقم 2254 باعتباره خارطة الطريق الرامية إلى تحقيق الانتقال السياسي وإحلال السلام في سوريا.

وفي مقابلة مع DW، قال مفيد، وهو نازح من مدينة كفر نبل بريف إدلب، فيما كان يشارك في مظاهرة مناهضة للحكومة في إدلب، "هذا يعد خيارنا الوحيد. لقد تخلى عنا العالم بأسره." وأضاف "والآن روسيا تسعى إلى تجويعنا عن طريق إغلاق معبر المساعدات الإنسانية".

يشار إلى أنه كان يُفترض أن ينتهي اليوم الثلاثاء (العاشر من يناير/ كانون الثاني 2023) تفويض الأمم المتحدة لإيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى بعد تمديده في يوليو/ تموز لمدة ستة أشهر بدلا من عام كامل.

لكن مجلس الأمن الدولي وافق بالإجماع أمس على تمديد آلية تقديم المساعدات الإنسانية عبر تركيا فيما انضمت روسيا – أكبر داعمي الرئيس السوري بشار الأسد – إلى التصويت.

وتشير تقديرات مختلفة إلى أن عدد سكان إدلب يبلغ قرابة أربعة ملايين شخص، بينهم أكثر من 1.7 مليون شخص يعيشون في مخيمات النازحين فيما يعتمد معظم السكان على المساعدات الإنسانية التي يأتي جُلها عبر معبر "باب الهوى" على الحدود مع تركيا.

ويوجد أيضا ما تُعرف بـ "المساعدات العابرة لمناطق السيطرة" وهي المساعدات التي تمر عبر مفترق طرق بين مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة السورية وأخرى خاصة لسيطرة المعارضة المناوئة لها.

بيد أن هذه المساعدات تعد أقل من التي تمر عبر تركيا.

شارك النازح السوري مفيد الياسر في مظاهرة معارضة للحكومة في إدلب.صورة من: Omar al-Bam/DW

خرق القانون الدولي

أصدر مجلس الأمن الدولي في عام 2014 قرارا بفتح أربعة معابر حدودية في شمال غرب سوريا لتقديم المساعدات الأساسية لمن يعيشون في إدلب التي تعد آخر معاقل المعارضة في سوريا والخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا).

ووفقا للقرار الأممي، فإنه يجب تجديد هذا التفويض كل عام وهو الأمر الذي لطالما تعارضه سوريا وروسيا التي تمتلك حق النقض ( الفيتو ) في مجلس الأمن الدولي.

وفي قراره، أعرب مجلس الأمن عن "انزعاجه الشديد" من حقيقة مفادها أن الحكومة السورية رفضت الموافقة على عمليات الإغاثة وهو الأمر الذي يعد "انتهاكا للقانون الإنساني الدولي".

وعلى وقع ذلك، قرر أعضاء في مجلس الأمن الدولي عام 2014 السماح للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها باستخدام أربعة معابر حدودية -  اثنان عبر تركيا ومعبر مع العراق وآخر مع الأردن – من أجل إدخال المساعدات إلى سوريا من دون الحصول على موافقة الحكومة السورية.

ويستند رفض الرئيس السوري بشار الأسد لتمديد آلية إيصال المساعدات عبر معبر "باب الهوى"، إلى أنه يعرقل جهود الحكومة لبسط نفوذها في الأجزاء الأخيرة الخاضعة لسيطرة المعارضة.

بيد أن الوضع منذ ذلك الحين تغير بشكل جذري خاصة عقب دعم روسيا نظام الرئيس السوري بشار الأسد بداية من عام 2015 ما أدى إلى تصاعد التوتر داخل أروقة مجلس الأمن.

وتزايدت حدة التوترات الدبلوماسية مع اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا.

وتصر روسيا على وجوب مرور المساعدات الإنسانية عبر دمشق، لكن المقترح الروسي يواجه انتقادات بأنه قد يدفع النظام السوري إلى تقديم المساعدات إلى السكان الموالين له ما سيعزز نفوذه ومن ثم يساعده على السيطرة على أخر معاقل المعارضة عن طريق زيادة الضغوط على السكان الذين يعيشون في هذه المنطقة.

تعتمد الأسر في مخيم كفرنبودة مثل عائلة أسماء المحمد على المساعدات الإنسانية التي تصل عبر الحدود التركية.صورة من: Omar al-Bam/DW

وعلى وقع الإصرار الروسي، بات معبر "باب الهوى" المنفذ الوحيد الذي ما زال يُجرى استخدامه لنقل المساعدات على طول الحدود التركية فيما طالبت موسكو بتجديد تفويض الألية كل ستة أشهر وليس كل عام.

تحذيرات من كارثة إنسانية

وقبل تصويت مجلس الأمن على آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى، دق خبراء حقوق الإنسان المُعينين من قبل الأمم المتحدة ناقوس الخطر حيال خطورة عدم تمديد الآلية.

وفي بيان صدر الأربعاء الماضي، قال الخبراء "سوف يتفاقم الوضع الإنساني المرعب في شمال غرب سوريا أكثر مما عليه الوضع حاليا".

وقبل أيام من التصويت، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن دبلوماسيين قولهم إن روسيا أشارت إلى الدول الأخرى في مجلس الأمن بأنها ستسمح على الأرجح بتسليم المساعدات الإنسانية عبر تركيا لمدة ستة أشهر أخرى فيما يلزم لتبني القرار تأييد تسعة أصوات له وعدم استخدام روسيا أو الصين أو بريطانيا أو فرنسا أو الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو).

وعزا مراقبون الموافقة الروسية إلى التقارب مع تركيا التي تدعم إيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى لتفادي تدفق المزيد من اللاجئين السوريين على حدود التركية في حالة تدهور الأوضاع في إدلب.

بدوره، قال ريتشارد جوان، الخبير البارز في مجموعة الأزمات الدولية، إن روسيا وافقت على التجديد ما يعني "أن خيار مجلس الأمن لا يزال قابلا للتطبيق في الوقت الراهن، رغم أننا لسنا في حالة رضا حيال ذلك".

وقال إنروسيا سوف تضغط مجددا عندما يأتي وقت تمديد الآلية في يوليو / تموز المقبل، مضيفا "روسيا تكسب نفوذا من خلال إبقاء التفويض حيا على عكس في حالة القضاء عليه".

وفي هذا الصدد، دعا جوان وغيره من النشطاء إلى ضرورة الخروج بخطة بديلة.

يعد معبر باب الهوى شريان حياة النازحين في إدلب.صورة من: Omar Haj Kadour/AFP/Getty Images

"باب الهوى".. ما البديل؟

يشار إلى أن منظمة "اللاجئين الدولية" قد دعت في أغسطس/ آب إلى إيجاد خيارات أخرى مثل طرق بديلة للتمويل بعيدا عن الأمم المتحدة وأيضا العمل بشكل مباشر مع منظمات إغاثة محلية داخل سوريا فضلا عن تبنى نهج طويل الأجل للمشاريع التي تعزز البنية التحتية وخدمات التعليم.

كما شملت المقترحات أيضا حصر عمل الأمم المتحدة على الجانب التركي من الحدود. وحذرت المنظمة من أن المساعدات التي يتم تسليمها عبر دمشق لن تكون قادرة على تعويض المساعدات الاممية التي يتم نقلها عبر الحدود.

وفي ذلك، قالت الأمم المتحدة إنه خلال عام 2022 بلغ عدد القوافل العابرة لمناطق السيطرة تسع معظمها يتكون من حوالي 10 شاحنات فيما بلغت عدد الشاحنات التي عبرت الحدود 600 شاحنة كل شهر خلال العام الماضي.

بدوره، قال جوان إن من شأن إيجاد خطة بديلة أن يساعد في جعل "روسيا في موقف أضعف خلال المفاوضات داخل مجلس الأمن الدولي".

وفي هذا السياق، طرحت منظمة "التحالف الأمريكي للإغاثة من أجل سوريا" التي تضم كافة منظمات الإغاثة السورية داخل الولايات المتحدة، ومجموعة المحامين البريطانيين المدافعين عن حقوق الإنسان التي يطلق عليها اسم "غيرنيكا 37"، مبادرة حظيت باهتمام إعلامي كبير.

وتشير المبادرة إلى أن حتمية الحصول على إذن من مجلس الأمن الدولي لإيصال مساعدات عبر الحدود، تعد قضية قابلة للتأويل، مضيفة أنه لا يوجد قانون إنساني دولي لا يجيز للوكالات الأممية الانتقال عبر الحدود السورية إلى جزء غير خاضع لسيطرة الحكومة السورية.

توكد مريم الجدوع، التي تعيش في إدلب، لـ DW إنها تعتمد على المساعدات الأممية لإطعام أطفالها الأربعة بعد وفاة زوجها.صورة من: Omar al-Bam/DW

نقل المساعدات عبر الحدود إلى سوريا "قانونية"

وتتفق هذه المبادرة مع ما طرحه مجموعة من الخبراء القانونيين من بينهم الرئيس السابق للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومدعي عام أممي سابق وذلك في رسالة نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وقال الخبراء "لا يمكن للأطراف بموجب القانون الدولي الإنساني قانونيا حجب الموافقة على إضعاف مقاومة العدو  أو التسبب في تجويع المدنيين أو رفض المساعدة الطبية. وفي حالة حجب الموافقة لهذه الأسباب التعسفية، تصبح عملية الإغاثة قانونية دون تلك الموافقة."

وتعتزم "غيرنيكا 37" نشر رسالة مماثلة تضم أيضا توقيعات من قضاة سابقين في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية.

من جانبها، تقر الأمم المتحدة بأن الحكومة السورية تعمل على منع وصول المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بشكل تعسفي.

وفي مقابلة مع DW، قال المحامي إبراهيم العلبي، عضو في مجموعة "غيرنيكا 37" وأحد القائمين على المبادرة، إن "تغيير الوضع الراهن الذي تمسك به كثيرون على مدى السنوات الثماني الماضية، بات أمرا بسيطا".

وأضاف أنه عمل مع خبراء آخرين على مدى أكثر من ستة أشهر لإقناع الحكومات التي تدعم آلية إيصال المساعدات عبر الحدود بأن هذه الآلية قانونية حتى من دون الحصول على إذن من مجلس الأمن الدولي.

وقال إنه جرى إجراء مقابلات مع وفود في برلين وباريس وبروكسل وواشنطن ونيويورك ولندن وبون وأنقرة ومدن أخرى.

وأضاف "ثمة سؤال هام الآن مفاده كيف يمكن أن تتحرك الحكومات حيال هذه القضية؟"، مشيرا إلى أن "عددا من السياسيين شددوا على أن التكلفة السياسية لتمديد الآلية باتت باهظة الثمن على نحو كبير".

----

كاثرين شاير وعمر البم (إدلب) / م ع

 

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW