1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هجوم حماس المباغت على إسرائيل.. ما هي الأهداف والحسابات؟

١١ أكتوبر ٢٠٢٣

يفرض الهجوم المباغت لحماس في العمق الإسرائيلي تساؤلات عديدة. ويرى خبراء أن الحركة تهدف لتحقيق عدد من المكاسب ليس لها فحسب، بل لأطراف أخرى متداخلة في الصراع. فما هذه الأهداف؟ وهل فاق الرد الإسرائيلي حتى الآن توقعات حماس؟

جنود إسرائيليون أمام بقايا مركز شرطة كان موقع معركة بعد تسلل جماعي لمسلحي حماس، في سديروت (08.10.2023).
ما الذي كانت تخطط حركة حماس لتحقيقه من عمليتها غير المسبوقة في العمق الإسرائيلي؟صورة من: Ronen Zvulun/REUTERS

منذ أن نفذت حماس  عمليتها غير المسبوقة انطلاقاً من غزة تجاه العمق الاسرائيلي، تصاعدت الكثير من الأسئلة على الساحة حول الأهداف التي تريد الحركة تحقيقها.

ويرى خبراء ومحللون أنّ هجوماً مفاجئا بهذا الحجم أدى إلى سقوط عدد ضخم للغاية من الإسرائيليين بين قتيل وجريح، لابد وأن يخفي وراءه أهدافا شديدة الأهمية في حسابات الحركة.

وقد تتعدى أهميته حجم العدد الكبير من الضحايا الفلسطينيين المتوقع سقوطهم جراء أي عملية انتقامية إسرائيلية، بل وحتى حجم الغضب الدولي المتوقع أن ينهال على الحركة المسلحة من قبل الغرب الذي يصنفها إرهابية.

ويرى خبراء آخرون أن حماس أرادت استغلال الوقت الحرج الذي يمر به المجتمع الإسرائيلي من انقسام شديد بسبب حكومة بنيامين نتنياهو الأكثر يمينية ومحاولاتها للسيطرة على المحكمة العليا في البلاد وهو ما أثار غضباً شديداً.  

وهناك من أشار إلى سياق المخاوف المتصاعدة من عواقب تحركات المستوطنين في الضفة الغربية تجاه الفلسطينيين ومن التوجهات شديدة اليمينية لكل من ايتمار بن غفير وزير الأمن القومي وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية (اللذين أثارا قلقاً غربياً) وهو ما حذرت منه حتى صحف إسرائيلية.

تحريك للمياه الراكدة

بحسب تحليلات مختلفة، فإن أحد أهم أهداف حركة حماس من العملية التي شنتها ضد إسرائيل هو تحريك للملف الفلسطيني الذي شهد ما يشبه الجمود طوال السنوات الأخيرة، حيث بدا وكأن "القضية الفلسطينية قد وضعت جانبا من قبل الغرب في العامين الماضيين"، بحسب ما يقويل مارسل بوت الخبير الألماني المتخصص في قضايا الشرق الأوسط في حوار مع DW عربية.

في هذا السياق، يرى الدكتور يوخن هيبلر المحلل السياسي الألماني والخبير في شؤون الشرق الأوسط والباحث في معهد السلام والتنمية في جامعة دويسبورغ- ايسن أن "الوضع على الأرض خلال الأعوام السابقة كان يستقر ببطء لصالح إسرائيل والتي زادت من وتيرة بناء المستوطنات وضم المزيد من الأراضي في الضفة الغربية، فيما تحولت غزة إلى نوع من السجن في الهواء الطلق لأكثر من 2 مليون شخص".

ويضيف الخبير الألماني في حواره مع DW عربية أنه "لذلك فإن قيادة حماس اعتقدت أنه من المهم وقف هذا التهميش البطيء للملف الفلسطيني من خلال القيام بشيء كبير للغاية، وهو ما فعلوه بوضوح، فالأمر يشبه إلى حد ما عندما يتم تجاهل أطفال لفترة طويلة من قبل الوالدين ثم يحرق الأطفال المنزل لجذب انتباه الوالدين".

ويقول إن الهدف الأول والأساسي هو "إجبار إسرائيل بشكل أساسي وإجبار العالم على إعادة النظر إلى المسألة الفلسطينية، بغض النظر عن مدى وحشية وخطورة العملية التي تستلزم ذلك".

 

أزمات داخلية ونزاعات مع السلطة الفلسطينية

ويرى ميشيل غروبي المحاضر في قسم الدراسات الدفاعية، بجامعة كينغز كوليدج في لندن إنه من الممكن القول إن حماس كانت بحاجة إلى هذا التصعيد، "ففي الأسابيع الماضية، أفادت تقارير أن أعداداً متزايدة من سكان غزة احتجت على قيادة الحركة، واتهمتها بالفساد والفشل في تحسين الظروف المعيشية"، بحسب مقال له نشره بموقع "دا كونفيرسيشن".

ويقول الباحث الألماني يوخن هيبلر إنّ جانبا آخر من أهداف حماس قد يكمن في محاولتها إثبات أنها الطرف الفلسطيني الأقوى والأكثر فعالية مقارنة بالسلطة الفلسطينية وفتح في الضفة الغربية، "فمن الواضح أنه من خلال هذه العملية تحاول الحركة أن تثبت للفلسطينيين أنها هي الفاعل النشط والجريء والقوي، في حين أن عباس وجماعته مجرد بيروقراطيين لا يفعلون شيئاً".

ويرى الدكتور جيلبير الأشقر، أستاذ العلاقات الدولية بمعهد سواس في جامعة لندن، أنه من "الواضح ان محمود عباس والسلطة الفلسطينية فاقدين للاعتبار منذ فترة طويلة، فيما لم تستطع حماس حتى الآن سد هذا الفراغ في القيادة أو في التمثيل الفلسطيني. وهي كانت تطمح لمثل ذلك كأي فصيل سياسي، أي أن تحتل موقع القيادة والحصول على التأييد الشعبي للاعتراف بقيادتها"، بحسب ما قال خلال اتصال هاتفي مع DW عربية.

إعادة ترتيب أوراق المنطقة

شهدت المنطقة العربية نوعاً من التقارب مع إسرائيل، كان أهمها اتفاقية ابراهام التي وقعت مع عدة دول عربية، وتفاهمات وتعاون مع دول عربية أخرى وسط ما يبدو أنه رضا سعودي كاد أن يتوج بالاتفاقية الأهم بين السعودية وإسرائيل، خاصة مع الإشارات الإيجابية التي صدرت من الجانبين مؤخراً.

 

يقول ميشيل غروبي المحاضر بجامعة كينغز كوليدج في لندن إن أحد أهداف حماس هو وقف الاحتمال المتزايد للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والسعودية. فالتطبيع مع السعودية برمزيتها في العالم السني، إن تم، سيشكل ضربة هائلة لحماس داخل العالم الإسلامي، لأنه سيتناقض بشكل مباشر مع موقفها المناهض لإسرائيل.

الأمر نفسه يؤكده مارسل بوت الخبير الألماني المتخصص في قضايا الشرق الأوسط والذي يرى أن الملكيات العربية المحافظة بدت أكثر استعداداً لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وآخرها ولعل أهمها السعودية.

ويضيف في حوار مع DW عربية أن "المفاوضات بين السعودية وإسرائيل كانت تتحرك بسرعة ويبدو أنه كان هناك توقع بالوصول لاتفاق قريباً تكون الولايات المتحدة طرفاً أساسياً فيه، مع إزاحة الملف الفلسطيني جانباً وبالتالي جاءت عملية حماس بهدف إحباط المفاوضات بين الدول العربية المحافظة وإسرائيل".

الأمر نفسه يتفق معه الدكتور يوخن هيبلر الذي يقول: "إن المتابع للساحة السياسية في الشرق الأوسط يستطيع بسهولة أن يرى السياق الذي تعمل فيه السعودية وبعض الدول العربية الأخرى من جانب وإسرائيل من جانب آخر في محاولة لتحسين العلاقات والتعاون، خاصة وأن هذه العلاقات آخذة في التطور بين إسرائيل وبعض جيرانها العرب".

ويعرب عن اعتقاده بأنّ حماس  مهتمة بـ "تخريب هذا النوع من التقارب وخلق مشاكل لهذا التعاون العربي الإسرائيلي".

تقوية النفوذ الإيراني

أشارت عدة تحليلات إلى إمكانية تورط إيران في العملية التي نفذتها حماس، خدمة لأهدافها ومصالحها الخاصة. ولا يخفى على أحد حجم الدعم العسكري واللوجستي الذي تقدمه إيران سواء لحزب الله أو للحركات المسلحة الفلسطينية المتشددة وخصوصا حماس، فيما يرى آخرون أن الحرب تدور في خلفية المشهد بين الولايات المتحدة وإيران.

 

ويرى ميشيل غروبي المحاضر بجامعة كينغز كوليدج أن إيران قد ترى في هذه الحرب فرصة ذهبية لإضعاف إسرائيل بل واستنزافها في صراع مسلح طويل مع حركة حماس، وعلى جانب آخر التوصل إلى تسوية جدية مع السعودية، المنافس الإقليمي الرئيسي الآخر لها.

لكن الخبير الألماني يوخن هيبلر يستبعد ضلوع إيران في الأمر بشكل مباشر، "لا أستطيع أن أرى أن حماس ستأخذ الأوامر من إيران مثلاً لتنفذ مثل هذه العملية.. صحيح أن بينهما بعض المصالح المشتركة المحدودة، لكنني لا أعتقد أن إيران يمكنها أن تكون قد شاركت بنشاط وفعالية وبشكل مباشر في هذا الأمر".

الأمر نفسه يتفق معه الدكتور جيلبير الأشقر أستاذ العلاقات الدولية بمعهد سواس في جامعة لندن، والذي يرى أن هناك "تعليقات وردت في بعض أجهزة الإعلام الغربي بهذا الشأن وأرى أنها غير مقنعة، فإيران ليست في وارد الدخول في معركة واسعة النطاق".

ويستدل الأشقر على ذلك بأنه "لو كانت إيران وراء هذه العملية، لكان حزب الله قد دخل في المعارك  منذ الساعات الأولى لكن لغاية الآن اكتفى حزب الله بأعمال شبه رمزية ومحدودة جداً. ولا أرى أن إيران تريد تصعيد الأجواء في المنطقة بهدف تخفيف الوطأة عليها بل على العكس فإن مشاركتها قد تزيد من تعقيد الأمور".

ويضيف: "كما نرى حالياً تتوجه حاملة طائرات أمريكية نحو المنطقة وإيران لا تريد أبدا هذا الصدام"، مؤكداً أن "إسرائيل تعلم أن إيران مساهمة في تسليح حماس كما أن لها بالتأكيد يد مباشرة في تسليح حزب الله، وهذا يعزز من النقمة الإسرائيلية عليها، لكن هذه النقمة قائمة في جميع الأحوال" دون أن يتطور الأمر إلى حد مواجهات من هذا النوع.

هل فاق الرد الإسرائيلي حتى الآن توقعات حماس؟

كان من الطبيعي أن تقوم إسرائيل بالرد على الهجوم الذي نفذته حماس، خاصة وأن الرد في هذه المرة سيحمل في طياته غضباً شديداً بسبب حجم الخسائر الإسرائيلية في الأرواح والعتاد. لكن هل فاق الرد الإسرائيلي توقعات حماس؟

يقول الأشقر إن "حماس وبسبب تركيبتها الأيديولوجية وخصوصاً الجانب الديني، لديها نوع من القناعة أو الإيمان بأن مثل هذه الأعمال ممكن أن تحقق لها النصر، وهذا ما يفسر في رأيي قيامها بعملية بهذا المستوى من الجرأة، لكنها في الحقيقة جرأة قد ترتد عليها بشكل عنيف، وأي تصور غير ذلك يعبر عن خلل شديد في الرؤية".

في السياق نفسه، يقول الباحث الألماني يوخن هيبلر إنه "في حال فوجئت حماس برد الفعل العنيف من إسرائيل بعد كل ما فعلته في العمق الإسرائيلي فإن ذلك سيكون ذلك مؤشراً على الغباء."

حاق دمار كبير بأجزاء واسعة من قطاع غزة نتيجة الرد الإسرائيلي على العملية التي نفذتها حماسصورة من: Hatem Moussa/AP

ويعرب الخبير الألماني عن اعتقاده بأن حماس أعدت قطاع غزة إما لاحتلال عسكري إسرائيلي أو لتحرك بري عنيف من جانب القوات الإسرائيلية، "لذلك أنا على قناعة بأنهم أعدوا الأرض بشكل جيد للغاية لصراع طويل الأمد وأعتقد أن هذا الهجوم بأكمله لن يكون له أي معنى إذا لم يكونوا مستعدين للتعامل مع رد الفعل الإسرائيلي وصولاً إلى اجتياح غزة".

يشار إلى أن حركة حماس، وهي جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

عماد حسن

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW